ادعمنا

ضريبة القيمة المضافة - Value added tax (VAT)

 

إن السياسة المالية تعد من أهم الأدوات التي تستخدمها الحكومة لإدارة النشاط الاقتصادي في الدولة، وهي تختلف باختلاف كل دولة وكل حكومة خاصة بها، كما تعتمد السياسة المالية للدولة على طبيعة دور الحكومة والنظام الاقتصادي الخاص بها والأيدلوجية التي تقوم عليها، وبعد ازدياد الأهمية الاقتصادية بشكل تدريجي في الحقل السياسي في السنوات الأخيرة، تزايدت معه مسؤوليات الحكومة تجاه تطوير سياساتها الاقتصادية بمختلف جوانبها، وذلك حتى تتمكن من ضمان تحقق الأهداف المخططة للسياسات المالية الخاصة بها وزيادة الموارد وترشيدها وإنفاقها بكفاءة والاستغلال الأمثل لها، ولكي تحقق ذلك يستوجب على الحكومة وضع سياسات مالية فعالة قادرة على تعبئة الموارد المالية بالشكل الذي يجعلها قادرة على تمويل الخدمات العامة ومشاريع التنمية والقدرة على تخصيص هذه الموارد وإنفاقها حسب الأولوية الاستراتيجية وأهداف السياسة العامة للدولة، وتعد سياسة الضرائب المالية أحد أهم تلك السياسات، فوفقا للعديد من الدراسات فإن السياسة الضريبية تمثل سياسة مهمة من السياسات المالية للدول، ولها دور كبير في المستوى المادي والنمو الاقتصادي لها، وتعد سياسة ضريبة القيمة المضافة واحدة من أهم تلك السياسات، والتي ظهر تأثيرها بشكل ملحوظ في الجانب الاقتصادي للدول في السنوات الأخيرة وهو ما يجعلها محط اهتمام كدراسة بالنسبة للعديد من الباحثين، وكذلك كسياسة تنفيذية بالنسبة للدول، وفرض العديد من الدول لها مؤخراً.

 

أولا: سياسة الضرائب وأنوعها

- تعريف السياسة الضريبية

تتعدد تعريفات السياسة الضريبية بسبب اختلاف أهدافها داخل كل دولة، حيث يعرف البعض السياسة الضريبية بأنها "مجموعة البرامج المتكاملة التي تخططها وتنفذها الدولة باستخدام كافة مصادرها الضريبية الفعلية والمحتملة، وذلك بهدف إحداث آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية منشودة، وتجنب الآثار غير المرغوب بها، وذلك للمساهمة في تحقيق أهداف المجتمع"، ويرى البعض الآخر أن السياسة الضريبية تعبر عن " مجموع البرامج والتدابير ذات الطابع الضريبي المتعلقة بتنظيم الربط والتحصيل الضريبي بقصد تغطية النفقات العامة من جهة، والتأثير والتغيير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من جهة أخرى"، ووفقا لما تم ذكره سابقا نستنتج أن السياسة الضريبية تعتمد على المعطيات العائدة من النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهي تمثل أداة من أدوات الدولة التي تستخدمها لتحقيق برامج معينة وتنفيذ خطط استراتيجية واقتصادية محددة، كما أن السياسة المالية بشكل عام تستخدم السياسة الضريبية والإنفاق العام والقروض العامة للتأثير في النشاط الاقتصادي للمجتمع بالشكل الذي تهدف إليه الدولة، وتهتم أيضاً بتخصيص الموارد بين القطاع العام والخاص واستخدامها في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.

- أنواع سياسات الضرائب

إن سياسة الضرائب في علم الاقتصاد تنقسم إلى نوعان:

النوع الأول، وهي الضرائب المباشرة: هذه الضرائب تفرض على الدخول من عناصر الإنتاج المباشرة، أي أنها الضرائب التي تفرض على الدخل أو الراتب أو الربح من عناصر الإنتاج المباشرة التي تتمثل في (العمل، رأس المال، الأرض، الإدارة)، أي أنها تؤخذ من الدخل مباشرة، سواء كان هذا الدخل ربح شخصي من الاستثمار، أو راتب العمل، أو ربح لرأس المال، أو العقار، أو الربح العائد على الإدارة.

النوع الثاني، الضرائب غير المباشرة: وهي الضرائب التي تفرض بأشكال متنوعة ومختلفة ولا تقتطع من الدخل مباشرة، أي أنها الضرائب التي تضاف إلى أسعار الخدمات أو المنتجات الاستهلاكية أو المستوردات، كما يمكن أن تفرض أيضاَ على كل مرحلة من مراحل عملية الإنتاج أو التطوير للسعلة كقيمة للخدمة وهو ما يسمى بـ (سلسلة القيمة).

 

ثانياً: ماهية ضريبة القيمة المضافة

- مفهوم ضريبة القيمة المضافة

تعد سياسة ضريبة القيمة المضافة من الضرائب حديثة الظهور والتي زاد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة، وذلك لأن ضريبة القيمة المضافة بالنسبة للعديد من دول العالم تعد مصدر رئيسي للدخل، فهي تتمثل في الضريبة على الاستهلاك أي أن المستهلك النهائي هو من يتحمل عبء الضريبة بعد مرورها بجميع مراحل عملية الإنتاج، وهذه الضريبة تختلف عن ضريبة المبيعات وضريبة الدخل، حيث تعد ضريبة القيمة المضافة من الضرائب غير المباشرة بينما تعد الضريبة على الدخل من الضرائب المباشرة، كما تختلف عن ضريبة المبيعات، حيث أن ضريبة المبيعات تفرض في مرحلة واحدة من مراحل حياة المنتج عند بيعه وتسليمه للمستهلك النهائي، أي أنها تفرض على قيمة السلعة كاملة، بينما ضريبة القيمة المضافة تفرض في كل مرحلة من مراحل عملية الإنتاج في كل مرة تتطور فيها السلعة أو خدمة،  أي أن البائع قد تحمل تلك الضريبة في كل مرحلة من تلك المراحل قبل إضافتها إلى سعر البيع وتحمل مستهلك لها.

وقد ازدادت حاجة الدول لفرض سياسة الضرائب لمساعدتها في توفير المتطلبات التي تحتاجها لتحقيق المشروعات والأهداف التي تسعى لها وتطوير المستوى الاقتصادي لديها، وتعد ضريبة القيمة المضافة محور رئيسي في استقرار اقتصاديات الدول وذلك نظراً للأثر الكبير الذي تحدثه في تخفيض عجز الموازنة وتحسين الوضع الاقتصادي، وهو ما أدى إلى تزايد الإقبال على فرضها مؤخراً. وقد تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم سياسة ضريبة القيمة المضافة، حيث عرفها البعض بأنها "ضريبة تستهدف القيمة المضافة لكل منشأة، مع التعبير عنها بثمن بيع السلعة أو الخدمة التي تقدمها المنشأة، وثمن شراء المواد والخدمات الداخلة في إنتاجها وتسويقها"، وعرفها البعض الآخر من خلال تحديد المقصود بمصطلح القيمة المضافة باعتبارها "تكلفة تضاف لتحويل خدمة أو سلعة من شكل إلى شكل آخر يصلح للاستهلاك، تلك التعديلات المضافة للمادة الخام عند إخضاعها للضريبة تعد مفهوم ضريبة القيمة المضافة"، كما تعرف أيضا بأنها "ضريبة على الاستهلاك الكلي يتم جمعها خلال مراحل عملية الإنتاج وفقا للإضافات المطروحة على المنتجات، على عكس ضريبة المبيعات التي يتم تحصيلها عند نقطة البيع النهائي". ووفقا للتعريفات التي تم ذكرها فإننا نستنتج أن ضريبة القيمة المضافة تتكون من تحول وتداول السلع والخدمات من حالة إلى أخرى خلال مراحل الإنتاج المختلفة بداية من المواد الخام وصولاً للشكل النهائي للمنتجات سواء أكانت تلك المنتجات على شكل سلعة أو خدمة.

- نشأة سياسة ضريبة القيمة المضافة

لا يوجد حتى الآن إجماع حول المصدر الدقيق أو البداية الفعلية لسياسة ضريبة القيمة المضافة، حيث تتبع بعض الباحثين نشأتها، فالبعض يرى إلى أن بداية ظهور مفهوم ضريبة القيمة المضافة يذهب إلى الدراسات التي أجراها رجل الأعمال الألماني ويلهلم فون سيمنز- Wilhelm Von Siemens عام 1918، ويرى البعض الآخر أنَّ ظهور تلك السياسة يعود أصلها إلى الاقتصادي الأمريكي توماس س. آدامز- Thomas S. Adams الذي استمرت دراساته وأعماله الأدبية منذ عام 1910 إلى عام 1921، بينما تعد ضريبة القيمة المضافة كسياسة تنفيذية سياسة جديد نسبياً، حيث تم تطبيقها منذ 40 عاماً تقريباً في فرنسا، حيث كانت فرنسا أول دولة تقوم بتنفيذ وفرض سياسة ضريبة القيمة المضافة داخل دولتها عام 1954، وقد كانت في بدايتها ذات تغطية محدودة ولكن في عام 1968 شرعت فرنسا في تطبيق ضريبة القيمة المضافة الكاملة.

وقد تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة على مرحلتين رئيسيتين: المرحلة الأولى، في أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، والمرحلة الثانية، اعتماد ضريبة القيمة المضافة في بعض الدول الصناعية خارج الاتحاد الأوروبي، وهي استراليا، وكندا واليابان وسويسرا في أواخر الثمانينات. وشهدت المرحلة الثانية أيضا توسع سريع في ضريبة القيمة المضافة في كل من الاقتصادات الانتقالية والنامية، وذلك في إفريقيا وآسيا بشكل خاص.

- خصائص ضريبة القيمة المضافة

وتتسم سياسة ضريبة القيمة المضافة بعدة خصائص، أهمها:

* ضريبة غير مباشرة، حيث تعتبر ضريبة القيمة المضافة كما ذكرنا سابقا ضريبة غير مباشرة، فهي من جانب تفرض على المستهلك عند إنفاق دخله وليس عند الحصول عليه، ومن جانب آخر فإنه لا توجد علاقة مباشرة بين المكلف النهائي بالضريبة والمستهلك للمنتج، أو بين المستهلك والإدارة الضريبية، بل يتم تحصيلها من خلال استهلاك سلعة أو خدمة معينة.

* ضريبة عامة، حيث تعد ضريبة القيمة المضافة ضريبة مفروضة على جميع السلع والخدمات بشكل عام، باستثناء السلع والخدمات التي تستثنى بنص خاص في القانون الخاص بالدولة، مع العلم أن استثناء بغض السلع أو الخدمات الضرورية بنص قانوني لا يفقدها صفة العمومية، فإن ضريبة القيمة المضافة تعد ضريبة عامة وذلك نظرا لأنها تفرض على جميع السلع والخدمات، جميع مراحل عملية الإنتاج والتوزيع، جميع الواردات، التوريد الاعتباري، وبالتالي فإن فرضها على جميع تلك خدمات والسلع بشكل عام يكسبها صفة العمومية.

* ضريبة عينية أو واجبة، حيث إن تحصيل ضريبة القيمة المضافة لا يعتمد على الظروف المادية والشخصية للفرد، فهي ضريبة واجبة على جميع المستهلكين بنفس القواعد والقوانين، هذا وإن كان هناك حرص على الإعفاء من تلك الضريبة على بعض السلع والخدمات الضرورية وبالرغم من ذلك فإن هذا الإجراء لا يؤثر على كونها ضريبة عينية وواجبة.

* ضريبة قد تكون قيمية أو نوعية (نسبية أو ثابتة)، حيث يمكن فرض ضريبة القيمة المضافة في بعض الأحيان بنسبة مئوية من ثمن السلعة وهو ما يجعلها (ضريبة قيمية أو نسبية)، كما يمكنها في الوقت ذاته أن تقدر بمبلغ ثابت موحد على وحدة السلعة بالتغاضي عن قيمتها وهو ما يجعلها ضريبة (نوعية أو ثابتة)، ويقصد بالنوعية أو الثابتة، هو ثبات المبلغ بالنسبة لبعض الأنواع أو أنواع معينة من المنتجات، أي تحدد بقدر معين اعتماداً على نوع السلعة أو الخدمة وليس ثمنها.

* ضريبة إقليمية، حيث تفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات داخل الدولة، كما تفرض على السلع المستوردة عند إعادة بيعها داخل الدولة، وهي تعد سياسة أو ضريبة إقليمية نظراً لاختلافها داخل كل دولة بحسب سياستها وأنظمتها.

* الاستهلاك هو الوعاء النهائي، فبالرغم من أن ضريبة القيمة المضافة تفرض على سعر البيع في كل مرحلة من مراحل عملية الإنتاج، إلى أنه في نهاية المطاف يقوم البائع بإضافتها إلى سعر البيع النهائي، وبالتالي فبالرغم من تحمل البائع في كل مرحلة من مراحل عملية الإنتاج للضريبة إلى أن المستهلك هو من سيتحمل عبء الضريبة في المرحلة النهائية للسلعة أو المنتج.

 

ثالثاً: الأهداف العامة للنظم الضريبية

إن النظام الضريبي يتكون من مجموعة مختلفة ومتنوعة من الضرائب، التي وضعت للتحقيق أهداف معينة للدولة، وقد تطورت أهداف النظم الضريبية إلى أن وصل إلى العديد من المجالات المالية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم الأهداف التي يقوم عليها النظام الضريبي في الاقتصادات المعاصرة للدول، هي: 

* الهدف المالي، وهو الهدف الذي يتمثل في تحقيق الإيرادات الضريبية، وهو يعد الهدف الرئيسي للنظام الضريبي.

* الهدف الاجتماعي، وهو الهدف الذي يتمثل في تحقيق العدالة في تحمل الأعباء الضريبية، وبالتالي العدالة في توزيع الثروات وتوزيع الدخل، وتقليل التفاوت بين طبقات المجتمع.

* تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وهو هدف يذهب إلى التخفيف من الآثار السلبية للضرائب على عملية تخصيص الموارد إلى أدنى حد يمكن الوصول إليه، وهو ما يسمى بهدف الكفاءة التخصيصية.

* دعم النمو، حيث تهدف الدولة إلى تحقيق ودعم النمو من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي لتلك الدولة.

 

 

المصادر والمراجع:

خيري عبد العال، "السياسة الضريبية وأثرها على التصدير"، (رسالة دكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة أسيوط، 2021).

أميرة حامد السيد، سجى سليمان، "ضريبة القيمة المضافة وآثارها المختلفة: دراسة استطلاعية في بيئة الأعمال السعودية"، مجلة البحوث المحاسبية، (مصر، جامعة طنطا: كلية التجارة، العدد1، 2019).

حمدي أحمد الهنداوي، "إشكاليات تطبيق ضريبة القيمة المضافة في مصر وسبل معالجتها في ضوء التجارب الدولية"، مجلة التجارة والتمويل، (مصر، جامعة طنطا: كلية التجارة، العدد3، 2023) .

طارق عبد السلام محمد، “الضوابط الموضوعية لضريبة القيمة المضافة"، مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية والاقتصادية، (مصر حلوان: جامعة حلوان، العدد 47، 2022).

غرفة الرياض، "ضريبة القيمة المضافة بالمملكة العربية السعودية"، (المملكة العربية السعودية، مركز دراية للدراسات والمعلومات: إدارة الدراسات والتطوير، 2017).

Agbo Igwebuike, “The Genesis and Development of Value Added Tax Administration: Case Study of Nigeria”, International Journal of Academic Research, ) Godfrey Okoye University Enugu, Nigeria: Accounting Finance and Management Sciences, NO. 2, 2020(.

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia